تجريد القصد لله من صفات العلماء الراسخين
د. إدريس اوهنا
(...) إن القضية قضية صدق و إخلاص
و تجريد للقصد بأن لا يستولي على القلب شيء من الكائنات والحظوظ النفسية، كاللقب والشهرة بين الناس والزعامة والرئاسة والحظوة والمال ... التي تدفع إلى التزلف والتورق والتملق و النفاق – عياذا بالله –
وقد عقد الخطيب البغدادي في كتابه الصغير الحجم العظيم النفع : " اقتضاء العلم العمل " بابا سماه " ذم طلب العلم للمباهاة به والمماراة فيه ونيل الأغراض وأخذ الأعواض عليه " ، وعقد بابا آخر سماه : ذم التفقه لغير العبادة "
إن من طلب الله صادقا نقى قلبه من الأغيار و الأكدار ، و أنفق علمه في العمل والدعوة إلى الله تعالى محتسبا غير مكتسب ، فالمقام مقام احتساب وليس مقام اكتساب . نقل ابن القيم عن بعض الصالحين من الصوفية قوله : " حججت كذا و كذا حجة على التجريد، فبان لي أن جميع ذلك كان مشوبا بحظي ، و ذلك أن والدتي سألتني أن أستقي لها جرعة ماء ، فثقل ذلك على نفسي ، فعلمت أن مطاوعة نفسي في الحجات كان بحظ نفسي و إرادتها ، إذ لو كانت نفسي فانية لم يصعب عليها ما هو حق في الشرع "
لعمري إنه لميزان دقيق هذا الذي ذكره ابن القيم رحمه الله " و لا ينبئك مثل خبير ".
ألا ترى أن بعض أدعياء العلم و الدعوة يتحمسون و يفرحون ويرقصون طربا كلما تعلق الأمر بمشاركة في نشاط ذي طبيعة علمية أو دعوية لما فيه من الأضواء والظهور والمكاسب المادية ، داخل الوطن أو خارجه، فإذا تعلق الأمر بدعوة صادقة في الخفاء بعيدا عن الأضواء .. فيها العطاء بلا أخذ ، و البذل بلا من ، والتضحية بالمال والجهد والعلم والوقت بلا مقابل إلا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ، وجدتهم في ركن المتغيبين المتخلفين ، و كأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد !!
و في بيان السبيل لتجريد القصد من الشوائب المفسدة للأعمال قال الإمام الغزالي – رحمه الله – في "إحياء علوم الدين " :
" كسر حظوظ النفس و قطع الطمع عن الدنيا و التجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب ، فإذ ذاك يتيسر الإخلاص ، و كم من أعمال يتعب الإنسان فيها ، و يظن أنها خالصة لوجه الله و يكون فيها مغرورا لأنه لا يرى وجه الآفة فيها ...
وأشد الخلق تعرضا لهذه الفتنة العلماء ، فإن الباعث للأكثرين على نشر العلم لذة الاستيلاء و الفرح بالاستتباع ، و الاستبشار بالحمد و الثناء ، و الشيطان يلبس عليهم ذلك و يقول : غرضكم نشر دين الله ، و النضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ترى الواعظ يمن على الله تعالى بنصيحة الخلق ووعظه للسلاطين ، و يفرح بقبول الناس قوله و إقبالهم عليه ، و هو يدعي أنه يفرح بما يسر له من نصرة الدين ، و لو ظهر من أقرانه من هو أحسن منه وعظا ، و انصرف الناس عنه و أقبلوا عليه ، ساءه ذلك و غمه ، و لو كان باعثه الدين لشكر الله تعالى إذ كفاه الله تعالى هذا المَهَمَّ بغيره"
في ختام هذه الكلمات أقول: لقد علمني ديني وعلمتني الحياة أن الرجال يوزنون بمقدار حظهم من الرسالية والمبدئية، وبعدهم عن النفعية والمصلحية باسم الدين وباسم العلم.. وقانا الله وإياكم.
و تجريد للقصد بأن لا يستولي على القلب شيء من الكائنات والحظوظ النفسية، كاللقب والشهرة بين الناس والزعامة والرئاسة والحظوة والمال ... التي تدفع إلى التزلف والتورق والتملق و النفاق – عياذا بالله –
وقد عقد الخطيب البغدادي في كتابه الصغير الحجم العظيم النفع : " اقتضاء العلم العمل " بابا سماه " ذم طلب العلم للمباهاة به والمماراة فيه ونيل الأغراض وأخذ الأعواض عليه " ، وعقد بابا آخر سماه : ذم التفقه لغير العبادة "
إن من طلب الله صادقا نقى قلبه من الأغيار و الأكدار ، و أنفق علمه في العمل والدعوة إلى الله تعالى محتسبا غير مكتسب ، فالمقام مقام احتساب وليس مقام اكتساب . نقل ابن القيم عن بعض الصالحين من الصوفية قوله : " حججت كذا و كذا حجة على التجريد، فبان لي أن جميع ذلك كان مشوبا بحظي ، و ذلك أن والدتي سألتني أن أستقي لها جرعة ماء ، فثقل ذلك على نفسي ، فعلمت أن مطاوعة نفسي في الحجات كان بحظ نفسي و إرادتها ، إذ لو كانت نفسي فانية لم يصعب عليها ما هو حق في الشرع "
لعمري إنه لميزان دقيق هذا الذي ذكره ابن القيم رحمه الله " و لا ينبئك مثل خبير ".
ألا ترى أن بعض أدعياء العلم و الدعوة يتحمسون و يفرحون ويرقصون طربا كلما تعلق الأمر بمشاركة في نشاط ذي طبيعة علمية أو دعوية لما فيه من الأضواء والظهور والمكاسب المادية ، داخل الوطن أو خارجه، فإذا تعلق الأمر بدعوة صادقة في الخفاء بعيدا عن الأضواء .. فيها العطاء بلا أخذ ، و البذل بلا من ، والتضحية بالمال والجهد والعلم والوقت بلا مقابل إلا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ، وجدتهم في ركن المتغيبين المتخلفين ، و كأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد !!
و في بيان السبيل لتجريد القصد من الشوائب المفسدة للأعمال قال الإمام الغزالي – رحمه الله – في "إحياء علوم الدين " :
" كسر حظوظ النفس و قطع الطمع عن الدنيا و التجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب ، فإذ ذاك يتيسر الإخلاص ، و كم من أعمال يتعب الإنسان فيها ، و يظن أنها خالصة لوجه الله و يكون فيها مغرورا لأنه لا يرى وجه الآفة فيها ...
وأشد الخلق تعرضا لهذه الفتنة العلماء ، فإن الباعث للأكثرين على نشر العلم لذة الاستيلاء و الفرح بالاستتباع ، و الاستبشار بالحمد و الثناء ، و الشيطان يلبس عليهم ذلك و يقول : غرضكم نشر دين الله ، و النضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ترى الواعظ يمن على الله تعالى بنصيحة الخلق ووعظه للسلاطين ، و يفرح بقبول الناس قوله و إقبالهم عليه ، و هو يدعي أنه يفرح بما يسر له من نصرة الدين ، و لو ظهر من أقرانه من هو أحسن منه وعظا ، و انصرف الناس عنه و أقبلوا عليه ، ساءه ذلك و غمه ، و لو كان باعثه الدين لشكر الله تعالى إذ كفاه الله تعالى هذا المَهَمَّ بغيره"
في ختام هذه الكلمات أقول: لقد علمني ديني وعلمتني الحياة أن الرجال يوزنون بمقدار حظهم من الرسالية والمبدئية، وبعدهم عن النفعية والمصلحية باسم الدين وباسم العلم.. وقانا الله وإياكم.